حوار عبدالرحمن الحمدان " فوآصل "
(3)
* و كيف تستطيع ان تحد من تلك النزعة التمردية في داخلك , بغرض البناء , مع ما يرافها من مخاطر , و ما الخط الفاصل بينها و بين المغامرة التجريبية؟
- تمرديتي الشعرية ليسن هدفاً بحد ذاتها , انما وسيله من اجل خدمة الشعر , و الوصول اليه ,
برغم ما قد تحتاجه من وقت و مجهود كاف لتصبح مشروعاً شعرياً كاملاً ,
الا انها تمنحني حق الاكتشاف لمساحات اكبر من الارض والبناء عليها
لاخرج بأكبر قدر من المعاني و الصور و الاحاسيس لم يطرقها احد منقبل.
و الشعر بالنسبة لي عمليه شاقه و صعبه و مضنية انه حفرفي الهواء اكثر من انه حفراً في التراب و اضرحة الموتى ,
و المغامرة التجريبية مطلوبه بل ضرورية اذا كانت مرفدة بالمعرفه و الوعي بالعملية الشعرية
من اجل اكتشاف سماءات و فضاءات جديده و اراض جديده,
و خوفي ان اضعف او تقل عزيمتي و ارادتي في مواصلة العملية هذه انما سأظل اعمل و اجرب.
* تارة ارى في كتاباتك الشعرية فرحاً و توهجاً و انظباطاً , و احياناً قسوة و صراخاً و جرحاً و شكاً ,
وطوراً تأملاً و انتظاراً و رجاءً و حلماً , فما البعد الشعوري في نصوصك مقروناً بالبعد الفكري؟
- البعد الشعوري في نصوصي كبير وعميق , اما ليس اساسياً , بمعنى ان هناك بعداً شعورياً يتيح لي
ان اكتب فيه او من خلاله شعراً قد ينال منى الرضى , و هناك شعور مهما كان ملحاً و مسيطراً لا يمكن انت نتج شعراً جيداً ( و ما اقوله الان ليس قاعده)
و قد يضطرشاعر ما لطرح حالة شعورية مباشره تكون ابعد ما يكون عن حالة الشعر الحقيقيه.
و الفكر و الشعور اراهما في نصوصي في حالة التصاق متلاحم كالشكل و المضمون ,
و مهما يكن فالشاعر انسان يحمل افكاراً
هي حصيلة تجاربه الحيائية و ملاحظاته اليومية , و يواجه مواقف يظطر فيها الى اتخاذ ردة فعل فورية
مختلفة قد تكون فرحاً او غضباً او قلقاً .. الخ .. و تعبر عن شعوره لهذه المواقف.
و القسوة و القل و الصراخ لدي هي ظواهر لا احبها كثيراً , و لكنها طاغية و ملحة , اعمل على محاولة تهذيبها و من
ثم السيطرة عليهاهذا في الشعر و الرسم , رغم اني انسان مسالم قليل الضرر , و يدل علي اثر البعدالشعوري
في قصائدي ففيها دلائل الابتهاج , و الرقه , و الالفة , و حين يقسم الشعر والشعور مساحات القصيدة .. فهنا ابلغ ذروة عطائي.
* عند العودة لقصيدتك(تعبت اسافر) نجد كشف واضح المعالم و الفاصيل تركت من خلالها حريه للقول خارج اية قيود ,
فهل هذه القصيدة تعبر عن معاناتك الرئيسية؟
- هذه القصيدة تعبر عن معاناة ليست بالضرورة معاناة شخصية بقدر ما هي تعبير عن هموم الانسان بمفهومها الشامل ,
في اغلب ابياتها , و بما ان الشاعر جزء من مجتمعه فقد تحدثت القصيدة عني كإنسان و عن الانسان ككل
, عن الحب , و عن المحبين , و عن الشاعر .. ذلك في البيت اللذي يقول:
كل السما في دفتري و ان تجليت .. مثل الشموس غبار قبري حجبني.
و هذا هو في الحقيقة همي كشاعر , و خوفي الاكبر ان اندثر و يغيبني النسيان بعد موتي , فنحن نهلك و نبيع العمر من اجل شراء بضاعه تسمى البقاء بعد ان نفقد الحياة ,
فليس لنا في الحياة مكسب سوى ان نملك الخلود في اعمالنا
بعد ان تبلى اجسادنا و تندثر تحت التراب ,
و ان لم نستطيع ان نحقق الخلود فخسارتنا بلا شك فادحه.